ما كادت تبدأ صفحة الثورة الصناعية الأوروبية إلا وتعالت معها موجةٌ من الأفكار والبواعثِ الفكرية التي انطلقت من مركزية الإنسان وحرّيته وحقه في التحرر الكامل، ومركزية كل ما هو مادي ملموس، وتهميش أي سلطة أو جانب روحي.ثم ما لبثت تلك الموجة إلا واختلطت بعقول لا يضبطها غير المصلحة الفردية؛ فربطت التقدم المادي بالتحرر الكامل من قيود الدين والأعراف بل والمصلحة الجمعية.
وسرعان ما تأثرت العقول؛ لتتغير معها النظرة الشاملة للحياة وضوابطها، حتى أضحى التقدم المادي والليبرالية والتنوير والفكر اليساري بل إن شئت فقلْ أيّ منتج صاغه العقل الغربي هو الموجة الفكرية الرائجة، والثقافة ذات السطوة على المشهد الفكري العالمي.
وفي خضم هذا، كان الفرد المسلم مُجرّدًا من صلته الوثيقة بالقرون الأولى، يتطلع بشغف إلى هذه الثورة ومكتسباتها؛ ما انعكس على ولعه بتقليد الغالب حضاريًا، فانبهر بتقدمه المادي، وهيَّأ نفسه كي لا يرى إلا ما هو مطبوع بشعار الثقافة الغربية؛ ما دفعه لاستيراد منظومة الغالب الفكرية والدينية؛ فسُحِق تحت عجلات التقدم المادي، وضاع في جنبات سطوة الثقافة الغالبة.
وحين تُعايشُ هذه الحال اليوم، فلا تتمالك نفسك من أن تنبهر بربعي بن عامر ذاك الشاب ذو الثياب الصفيقة. حينما دخل على رستم وهو جالس على سرير من ذهب، وعليه تاجه، وقد زينوا مجلسه بالنمارق والياقوت واللؤلؤ والزينة العظيمة. فلم يزل ربعي راكبًا فرسه القصيرة حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد.
وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت. فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق. فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمَن قَبِل ذلك قَبِلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله. فقال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم.
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بغيرهم؟ وكيف لنا أن نعيد تلك الأمجاد؟
ما كادت تبدأ صفحة الثورة الصناعية الأوروبية إلا وتعالت معها موجةٌ من الأفكار والبواعثِ الفكرية التي انطلقت من مركزية الإنسان وحرّيته وحقه في التحرر الكامل، ومركزية كل ما هو مادي ملموس، وتهميش أي سلطة أو جانب روحي.ثم ما لبثت تلك الموجة إلا واختلطت بعقول لا يضبطها غير المصلحة الفردية؛ فربطت التقدم المادي بالتحرر الكامل من قيود الدين والأعراف بل والمصلحة الجمعية. وسرعان ما تأثرت العقول؛ لتتغير معها النظرة الشاملة للحياة وضوابطها، حتى أضحى التقدم المادي والليبرالية والتنوير والفكر اليساري بل إن شئت فقلْ أيّ منتج صاغه العقل الغربي هو الموجة الفكرية الرائجة، والثقافة ذات السطوة على المشهد الفكري العالمي. وفي خضم هذا، كان الفرد المسلم مُجرّدًا من صلته الوثيقة بالقرون الأولى، يتطلع بشغف إلى هذه الثورة ومكتسباتها؛ ما انعكس على ولعه بتقليد الغالب حضاريًا، فانبهر بتقدمه المادي، وهيَّأ نفسه كي لا يرى إلا ما هو مطبوع بشعار الثقافة الغربية؛ ما دفعه لاستيراد منظومة الغالب الفكرية والدينية؛ فسُحِق تحت عجلات التقدم المادي، وضاع في جنبات سطوة الثقافة الغالبة. وحين تُعايشُ هذه الحال اليوم، فلا تتمالك نفسك من أن تنبهر بربعي بن عامر ذاك الشاب ذو الثياب الصفيقة. حينما دخل على رستم وهو جالس على سرير من ذهب، وعليه تاجه، وقد زينوا مجلسه بالنمارق والياقوت واللؤلؤ والزينة العظيمة. فلم يزل ربعي راكبًا فرسه القصيرة حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد. وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت. فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق. فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمَن قَبِل ذلك قَبِلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله. فقال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم. كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بغيرهم؟ وكيف لنا أن نعيد تلك الأمجاد؟
3 التعليقات 0 نشر