صراع العمالقة ( الحلقة الأولى)
تشير أدبيات العلاقات الدولية إلى ان البنيان الدولي يؤثر على السياسات الخارجية للدول الكبرى منها والصغرى إزاء الوحدات الدولية الأخرى وبدرجات متفاوتة على مستوى أدوات هذه السياسة ومضمونها وعملية صنعها, وأوضحت التغيرات على الساحة الدولية خلال الفترة ما بين نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين خلل في التوازنات بين القوى الدولية نتج عن انهيار قطب الاتحاد السوفيتي, وانفراد آخر بالهيمنة الولايات المتحدة الامريكية, فنجد هناك بعض القوى التي تفرض نفسها على الساحة سواء كان ذلك بشكل معلن أو مستتر, ولكنه واقع لابد من الاعتراف به, ومن أوضح الأمثلة التي ظهرت جليا على الصعيد الدولي الصين التي جذبت الأنظار بقوة اليها حيث أحدثت تقدما هائلا في مجالات عدة.
هدف هذا التحقيق إلقاء الضوء على الصين كواحدة من القوى الصاعدة؛ حيث إنها الدولة المرشحة بقوة في الفترة القادمة لأن تكون المنافسة للولايات المتحدة الامريكية مهددة مكانتها كقطب اوحد في العالم, فلم تعد تذكر الصين إلا مصحوبة بصفات مثل التنين أو اللغز أو المارد, مما يعكس وجود إدراك عالمي بأن المستقبل للصين على حساب الهيمنة الأمريكية, وسيكون لذلك في الغالب انعكاسات مهمة على النظام الدولي, وينتشر هذا الادراك بشكل خاص في الولايات المتحدة واليابان وبعض الدول الأسيوية سواء داخل مؤسسات صنع القرار أو المؤسسات الأكاديمية أو على مستوى رجل الشارع العادي.

بدأت الصين منذ بضع سنوات تأخد طريقها جديا نحو تبوء مكانة دولية متميزة فقد أحدثت طفرة هائلة في التنمية وأصبح من أهم المشكلات التي تثيرها قضية الصعود الصيني مسألة احتمال اتجاه الصين الى تهديد الاستقرار العالمي والإقليمي إذ اصبحت من الدول الساعية للهيمنة الإقليمية , وصار هذا الاحتمال خطرا قويا يهدد مصالح الدول الغربية في مناطقها الحيوية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وهو ما أخذته في الاعتبار الولايات المتحدة الامريكية بصفتها القوة العالمية الوحيدة المهيمنة على العالم وبالرغم من ذلك توجد علاقات مشتركة بين الدولتين وبالتالي تؤثر هذه العلاقات بما فيها من تعارض أو التقاء على النظام الدولي.
ومن ثم بدأت الأنظار تتجه إلى التنين الصيني بصفته عملاقا من العمالقة الجدد الذين فرضوا أنفسهم وبقوة على الساحة الدولية والإقليمية وذلك لأسباب عديدة منها:
1. أن الصين أكبر دول العالم سكانا أصبحت ذات أهمية على المستوى الدولي، خاصة في ظل المنافسة الاقتصادية مع الولايات المتحدة.
2. هي إحدى الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن.
3. تغيير منهجها الثقافي وبنيانها الاجتماعي فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي والقضاء على الشيوعية في شرق أربا كان من المفترض أن ينهار النظام الحاكم في الصين باعتبارها احدى الدول الشيوعية, ولكن على العكس من ذلك زادت قوتها وأصبحت منافسا قويا للولايات المتحدة الامريكية خاصة من الناحية الاقتصادية, وكأن الصين قد استلمت لواء المنافسة والصراع مع الولايات المتحدة بدلا من الاتحاد السوفيتي, والسبب في ذلك يعود الى أنها لم تأخذ الماركسية-اللينينية كما هي بل دمجتها مع الثقافة الكونفوشية والتاوية والبوذية وطورت كل ذلك ليتناسب مع المجتمع الصيني.
لماذا القلق الأمريكي من الصعود الصيني؟
يأتي القلق من صعود الصين نتيجة علاقاتها بالدول التي تعتبرها الولايات المتحدة الامريكية دولا مارقة كإيران وكوريا الشمالية؛ حيث التباين الصيني الأمريكي المتمثل في المواقف المختلفة تجاه العلاقات الدولية الراهنة، فضلا عن ذلك هناك فجوة تباين كبيرة بين الصين والولايات المتحدة بشأن التوجه السياسي والثقافي والاجتماعي والأيديولوجي، ومستوى التنمية الاقتصادية لكلا منهما، فهناك مجتمع غربي متطور ديمقراطي في الولايات المتحدة الامريكية، وعلى الجانب الاخر هناك مجتمع اشتراكي نام في الصين.
منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض واستخدامه لمصطلح «الحرب التجارية» مع الصين زادت حدة القلق من الصراع الصيني-الأمريكي واحتمالات تحوله لمواجهة مسلحة. صحيح أن الإعلام الأمريكي يركز أكثر على روسيا بسبب ادعاءات تدخّلها لصالح ترامب في الانتخابات الرئاسية، لكن كبار المسؤولين في الإدارة والبنتاغون يعتبرون الصين الخطر الأبرز على الهيمنة الأمريكية.
فالصين قصة مختلفة تماماً، لضخامة اقتصادها وتنوّعه وتنامي قوتها التكنولوجية بصورة متسارعة ومشروع «الحزام والطريق» الدولي الذي تبنيه شركاتها وقواتها العسكرية التي تزداد وتصبح أكثر حداثة بصورة مذهلة، كل هذه عناصر قد تمكن الصين من مضاهاة أو التفوق على الولايات المتحدة كقوة عالمية مسيطرة، وهذا ما لن تسمح به واشنطن، وهنا بالتحديد مكمن الخطر في أن تتحول الحرب التجارية إلى مواجهة مسلحة، بحسب تقرير بعنوان "الولايات المتحدة بالفعل في حالة حرب مع الصين"

ورغم أن واشنطن بوست نشرت تقريراً الجمعة 26 إبريل/نيسان 2019 ألقت فيه الضوء على التراجع الكبير في النمو الاقتصادي للصين عام 2018 واصفة إياه بأنه الأسوأ منذ 1990، مما جعل بكين تقلل من توقعاتها للنمو هذا العام، وكانت أبرز أسباب ذلك التراجع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، مضيفة أنه على المستثمرين أن يتعودوا على فكرة أن الصين لن تكون قادرة على إنعاش الاقتصاد العالمي بسبب متاعبها الكثيرة داخلياً.

في إطار حرب تجارية وتنافس تكنولوجي بين بكين وواشنطن، تستهدف إدارة ترامب منذ 2018 الشركة الثانية عالمياً للهواتف الذكية والرائدة في تقنية شبكات اتصالات الجيل الخامس.

وفي تصعيد جديد لأتون الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وجهت الولايات المتحدة الأمريكية، تهما جنائية ضد شركة "هواوي"، تتضمن التجسس، وسرقة أسرار تجارية، وانتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

وتشك واشنطن، منذ سنوات في أن الحكومة الصينية قد تستخدم معدات "هواوي" للتجسس على دول أخرى، لكن دون تقديم أدلة محددة على ذلك، وهو ما تنفيه "هواوي".

وحثت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب حلفاءها على حظر أو تقييد منتجات "هواوي" من شبكات 5G الخاصة بهم، بسبب مخاوف التجسس.

من جانبه حذر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الدول الأوروبية، من أن استخدام تكنولوجيا شركة "هواوي" الصينية قد يضر بعلاقتها بالولايات المتحدة.

وفي حديثه بالمجر، قال بومبيو: إن الولايات المتحدة ملزمة بتنبيه الحكومات الأخرى إلى مخاطر بناء شبكات مزودة بمعدات من شركة الاتصالات الصينية العملاقة.

من جانبها ردت بكين على تصعيد واشنطن بردود أفعال مساوية له في القوة ومضادة له في الاتجاه كما تقول قوانين الفيزياء السياسية إن صح التعبير.
ملخص دفاعات بكين الهجومية:
1. ردّت شركة هواوي على الولايات المتحدة بلسان مؤسسها الذي قال إن واشنطن "تسيء تقدير قوة" شركته في وقت يبذل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهوداً منذ أشهر عدة للحدّ من الطموحات العالمية لعملاق الاتصالات الصيني.
2. تحدث رين جينغ في بعد قرابة أسبوع من قرار واشنطن منع المجموعات الأميركية من ممارسة أعمال تجارية في مجال الاتصالات مع شركات أجنبية تُعتبر أنها تُشكل "خطراً" على الأمن القومي بينها هواوي.
وقال رين في مقابلة مع الصحافة تمّ بثّها بشكل مباشر عبر تطبيق التلفزيون الرسمي "سي سي تي في"، "الممارسة الحالية للسياسيين الأمريكيين تسيء تقدير قوتنا"
3. أعلنت شركة هواوي الصينية العملاقة للتكنولوجيا، ، أنها قدمت شكوى في محكمة اتحادية أمريكية، ضد القيود التي يفرضها الكونغرس الأمريكي على مبيعات منتجات الشركة داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
غوو بينغ نائب رئيس شركة هواوي : "إن الكونغرس الأمريكي، فشل مرارا في تقديم أي دليل يدعم قراره بفرض قيود على شراء منتجات هواوي، لذلك فنحن مضطرون لاتخاذ هذا الإجراء القانوني كملاذ سليم ومناسب وأخير".

وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر المجموعة في شينزين جنوب الصين: "هذا الحظر ليس فقط غير قانوني، ولكنه يقيد أيضًا شركة هواوي، من المشاركة في منافسة عادلة، مما يضر في نهاية المطاف بالمستهلكين الأمريكيين، ونحن نتطلع إلى صدور قرار المحكمة، ونثق في أنه سيفيد كل من شركة هواوي والشعب الأمريكي".
وبعيدا عن السجال القانوني قام التنين الصيني بتوجيه ضربة قاضية لواشنطن حيث قام الرئيس الصيني بزيارة لمصنع للمعادن الأرضية مع المسؤول الأول على الصفقات الصينية الأمريكية في رسالة واضحة لترامب " أنكم تسيئون تقدير قوتنا"
حيث أن 80% من واردات أمريكا من هذه المعادن النادرة تأتي عبر الصين وفي حال توقفت ستتضرر مجالات الصناعة في أمريكا كصناعة السلاح والتكنولوجيا والآلات وغيرها
هذه المعادن الصين تستحوذ على 90% من إنتاجها وهي
السكانديوم- الإتريوم- اللانثانوم- السيريوم- البراسيوديميوم- النيوديميوم- البروميثيوم- الساماريوم- اليوروبيوم- الغادولينيوم- التيربيوم- الديسبروسيوم- الهولميوم- الإربيوم- الثوليوم- الإتيربيوم- واللوتيتيوم.

بعدها مباشرة أعطى ترامب قرارا بمنح مهلة 3 أشهر على حظر هواوي ومن المتوقع جدا إلغاء الحظر خلال هذه الثلاث أشهر بعد مراجعة الحكومة الأمريكية لحجم الضرر الذي ستتعرض له
وهذه ليست أول مرة تلعب فيها الصين بورقة المعادن النادرة فسبق وأن منعت تصدير هذه المعادن لليابان سنة 2010 بعد نزاع على مجموعة جزر (جزر سينكاكو)
وسنتناول في هذا التحقيق وتلك القضية جذور القضية وتداعياتها ونتائجها على الصعيدين الدولي والإقليمي وأثرها على كافة المجالات وذلك من خلال طرح ومعالجة متأنية تنظر إلى القضية من كافة الزوايا وتحلل كافة الرؤى والاتجاهات لذا نرجو من متابعينا مشاركتنا الرأي والتحليل في هذه القضية التي لن تؤثر على واشنطن وبكين فقط بل قد يتأثر بها الاقتصاد العالمي أجمع وقد يتطور الأمر إلى اندلاع مواجهة مسلحة بين أقوى قطبين اقتصاديين في العالم مما يؤثر بدوره على تفاقم مشاكل العالم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

ولعل أبرز ما يواجهنا في تلك القضية وخاصة في مسلسلها الحالي مصطلح الحرب التجارية.
"الحرب تجارية" كلمتان أذيع صداهما مؤخرا بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم وهما أمريكا والصين.
الجملة السابقة قد لا تعنى شيئا للكثيرين، أو لا يعرفوا ماذا تعنى وما تشير إليه وسنحاول هنا معرفة آراء متابعينا الكرام في هذه المصطلحات وكيف يمكن التعاطي معها، ونتعرف على تأثيرها على الاقتصاد في الفترة القادمة.

ما هو مفهوم الحرب التجارية؟ ومن الأطراف المتوقع قيام حرب تجارية بينهم في الفترة القادمة ؟ وما أسباب ظهور تلك النوعية من الحروب؟ وما موقف الدول الأوروبية منها؟ وما مدى تأثر الدول العربية من تلك الحرب ؟ ومن الخاسر والفائز فيها ؟
صراع العمالقة ( الحلقة الأولى) تشير أدبيات العلاقات الدولية إلى ان البنيان الدولي يؤثر على السياسات الخارجية للدول الكبرى منها والصغرى إزاء الوحدات الدولية الأخرى وبدرجات متفاوتة على مستوى أدوات هذه السياسة ومضمونها وعملية صنعها, وأوضحت التغيرات على الساحة الدولية خلال الفترة ما بين نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين خلل في التوازنات بين القوى الدولية نتج عن انهيار قطب الاتحاد السوفيتي, وانفراد آخر بالهيمنة الولايات المتحدة الامريكية, فنجد هناك بعض القوى التي تفرض نفسها على الساحة سواء كان ذلك بشكل معلن أو مستتر, ولكنه واقع لابد من الاعتراف به, ومن أوضح الأمثلة التي ظهرت جليا على الصعيد الدولي الصين التي جذبت الأنظار بقوة اليها حيث أحدثت تقدما هائلا في مجالات عدة. هدف هذا التحقيق إلقاء الضوء على الصين كواحدة من القوى الصاعدة؛ حيث إنها الدولة المرشحة بقوة في الفترة القادمة لأن تكون المنافسة للولايات المتحدة الامريكية مهددة مكانتها كقطب اوحد في العالم, فلم تعد تذكر الصين إلا مصحوبة بصفات مثل التنين أو اللغز أو المارد, مما يعكس وجود إدراك عالمي بأن المستقبل للصين على حساب الهيمنة الأمريكية, وسيكون لذلك في الغالب انعكاسات مهمة على النظام الدولي, وينتشر هذا الادراك بشكل خاص في الولايات المتحدة واليابان وبعض الدول الأسيوية سواء داخل مؤسسات صنع القرار أو المؤسسات الأكاديمية أو على مستوى رجل الشارع العادي. بدأت الصين منذ بضع سنوات تأخد طريقها جديا نحو تبوء مكانة دولية متميزة فقد أحدثت طفرة هائلة في التنمية وأصبح من أهم المشكلات التي تثيرها قضية الصعود الصيني مسألة احتمال اتجاه الصين الى تهديد الاستقرار العالمي والإقليمي إذ اصبحت من الدول الساعية للهيمنة الإقليمية , وصار هذا الاحتمال خطرا قويا يهدد مصالح الدول الغربية في مناطقها الحيوية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وهو ما أخذته في الاعتبار الولايات المتحدة الامريكية بصفتها القوة العالمية الوحيدة المهيمنة على العالم وبالرغم من ذلك توجد علاقات مشتركة بين الدولتين وبالتالي تؤثر هذه العلاقات بما فيها من تعارض أو التقاء على النظام الدولي. ومن ثم بدأت الأنظار تتجه إلى التنين الصيني بصفته عملاقا من العمالقة الجدد الذين فرضوا أنفسهم وبقوة على الساحة الدولية والإقليمية وذلك لأسباب عديدة منها: 1. أن الصين أكبر دول العالم سكانا أصبحت ذات أهمية على المستوى الدولي، خاصة في ظل المنافسة الاقتصادية مع الولايات المتحدة. 2. هي إحدى الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن. 3. تغيير منهجها الثقافي وبنيانها الاجتماعي فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي والقضاء على الشيوعية في شرق أربا كان من المفترض أن ينهار النظام الحاكم في الصين باعتبارها احدى الدول الشيوعية, ولكن على العكس من ذلك زادت قوتها وأصبحت منافسا قويا للولايات المتحدة الامريكية خاصة من الناحية الاقتصادية, وكأن الصين قد استلمت لواء المنافسة والصراع مع الولايات المتحدة بدلا من الاتحاد السوفيتي, والسبب في ذلك يعود الى أنها لم تأخذ الماركسية-اللينينية كما هي بل دمجتها مع الثقافة الكونفوشية والتاوية والبوذية وطورت كل ذلك ليتناسب مع المجتمع الصيني. لماذا القلق الأمريكي من الصعود الصيني؟ يأتي القلق من صعود الصين نتيجة علاقاتها بالدول التي تعتبرها الولايات المتحدة الامريكية دولا مارقة كإيران وكوريا الشمالية؛ حيث التباين الصيني الأمريكي المتمثل في المواقف المختلفة تجاه العلاقات الدولية الراهنة، فضلا عن ذلك هناك فجوة تباين كبيرة بين الصين والولايات المتحدة بشأن التوجه السياسي والثقافي والاجتماعي والأيديولوجي، ومستوى التنمية الاقتصادية لكلا منهما، فهناك مجتمع غربي متطور ديمقراطي في الولايات المتحدة الامريكية، وعلى الجانب الاخر هناك مجتمع اشتراكي نام في الصين. منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض واستخدامه لمصطلح «الحرب التجارية» مع الصين زادت حدة القلق من الصراع الصيني-الأمريكي واحتمالات تحوله لمواجهة مسلحة. صحيح أن الإعلام الأمريكي يركز أكثر على روسيا بسبب ادعاءات تدخّلها لصالح ترامب في الانتخابات الرئاسية، لكن كبار المسؤولين في الإدارة والبنتاغون يعتبرون الصين الخطر الأبرز على الهيمنة الأمريكية. فالصين قصة مختلفة تماماً، لضخامة اقتصادها وتنوّعه وتنامي قوتها التكنولوجية بصورة متسارعة ومشروع «الحزام والطريق» الدولي الذي تبنيه شركاتها وقواتها العسكرية التي تزداد وتصبح أكثر حداثة بصورة مذهلة، كل هذه عناصر قد تمكن الصين من مضاهاة أو التفوق على الولايات المتحدة كقوة عالمية مسيطرة، وهذا ما لن تسمح به واشنطن، وهنا بالتحديد مكمن الخطر في أن تتحول الحرب التجارية إلى مواجهة مسلحة، بحسب تقرير بعنوان "الولايات المتحدة بالفعل في حالة حرب مع الصين" ورغم أن واشنطن بوست نشرت تقريراً الجمعة 26 إبريل/نيسان 2019 ألقت فيه الضوء على التراجع الكبير في النمو الاقتصادي للصين عام 2018 واصفة إياه بأنه الأسوأ منذ 1990، مما جعل بكين تقلل من توقعاتها للنمو هذا العام، وكانت أبرز أسباب ذلك التراجع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، مضيفة أنه على المستثمرين أن يتعودوا على فكرة أن الصين لن تكون قادرة على إنعاش الاقتصاد العالمي بسبب متاعبها الكثيرة داخلياً. في إطار حرب تجارية وتنافس تكنولوجي بين بكين وواشنطن، تستهدف إدارة ترامب منذ 2018 الشركة الثانية عالمياً للهواتف الذكية والرائدة في تقنية شبكات اتصالات الجيل الخامس. وفي تصعيد جديد لأتون الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وجهت الولايات المتحدة الأمريكية، تهما جنائية ضد شركة "هواوي"، تتضمن التجسس، وسرقة أسرار تجارية، وانتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران. وتشك واشنطن، منذ سنوات في أن الحكومة الصينية قد تستخدم معدات "هواوي" للتجسس على دول أخرى، لكن دون تقديم أدلة محددة على ذلك، وهو ما تنفيه "هواوي". وحثت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب حلفاءها على حظر أو تقييد منتجات "هواوي" من شبكات 5G الخاصة بهم، بسبب مخاوف التجسس. من جانبه حذر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الدول الأوروبية، من أن استخدام تكنولوجيا شركة "هواوي" الصينية قد يضر بعلاقتها بالولايات المتحدة. وفي حديثه بالمجر، قال بومبيو: إن الولايات المتحدة ملزمة بتنبيه الحكومات الأخرى إلى مخاطر بناء شبكات مزودة بمعدات من شركة الاتصالات الصينية العملاقة. من جانبها ردت بكين على تصعيد واشنطن بردود أفعال مساوية له في القوة ومضادة له في الاتجاه كما تقول قوانين الفيزياء السياسية إن صح التعبير. ملخص دفاعات بكين الهجومية: 1. ردّت شركة هواوي على الولايات المتحدة بلسان مؤسسها الذي قال إن واشنطن "تسيء تقدير قوة" شركته في وقت يبذل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهوداً منذ أشهر عدة للحدّ من الطموحات العالمية لعملاق الاتصالات الصيني. 2. تحدث رين جينغ في بعد قرابة أسبوع من قرار واشنطن منع المجموعات الأميركية من ممارسة أعمال تجارية في مجال الاتصالات مع شركات أجنبية تُعتبر أنها تُشكل "خطراً" على الأمن القومي بينها هواوي. وقال رين في مقابلة مع الصحافة تمّ بثّها بشكل مباشر عبر تطبيق التلفزيون الرسمي "سي سي تي في"، "الممارسة الحالية للسياسيين الأمريكيين تسيء تقدير قوتنا" 3. أعلنت شركة هواوي الصينية العملاقة للتكنولوجيا، ، أنها قدمت شكوى في محكمة اتحادية أمريكية، ضد القيود التي يفرضها الكونغرس الأمريكي على مبيعات منتجات الشركة داخل الولايات المتحدة الأمريكية. غوو بينغ نائب رئيس شركة هواوي : "إن الكونغرس الأمريكي، فشل مرارا في تقديم أي دليل يدعم قراره بفرض قيود على شراء منتجات هواوي، لذلك فنحن مضطرون لاتخاذ هذا الإجراء القانوني كملاذ سليم ومناسب وأخير". وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر المجموعة في شينزين جنوب الصين: "هذا الحظر ليس فقط غير قانوني، ولكنه يقيد أيضًا شركة هواوي، من المشاركة في منافسة عادلة، مما يضر في نهاية المطاف بالمستهلكين الأمريكيين، ونحن نتطلع إلى صدور قرار المحكمة، ونثق في أنه سيفيد كل من شركة هواوي والشعب الأمريكي". وبعيدا عن السجال القانوني قام التنين الصيني بتوجيه ضربة قاضية لواشنطن حيث قام الرئيس الصيني بزيارة لمصنع للمعادن الأرضية مع المسؤول الأول على الصفقات الصينية الأمريكية في رسالة واضحة لترامب " أنكم تسيئون تقدير قوتنا" حيث أن 80% من واردات أمريكا من هذه المعادن النادرة تأتي عبر الصين وفي حال توقفت ستتضرر مجالات الصناعة في أمريكا كصناعة السلاح والتكنولوجيا والآلات وغيرها هذه المعادن الصين تستحوذ على 90% من إنتاجها وهي السكانديوم- الإتريوم- اللانثانوم- السيريوم- البراسيوديميوم- النيوديميوم- البروميثيوم- الساماريوم- اليوروبيوم- الغادولينيوم- التيربيوم- الديسبروسيوم- الهولميوم- الإربيوم- الثوليوم- الإتيربيوم- واللوتيتيوم. بعدها مباشرة أعطى ترامب قرارا بمنح مهلة 3 أشهر على حظر هواوي ومن المتوقع جدا إلغاء الحظر خلال هذه الثلاث أشهر بعد مراجعة الحكومة الأمريكية لحجم الضرر الذي ستتعرض له وهذه ليست أول مرة تلعب فيها الصين بورقة المعادن النادرة فسبق وأن منعت تصدير هذه المعادن لليابان سنة 2010 بعد نزاع على مجموعة جزر (جزر سينكاكو) وسنتناول في هذا التحقيق وتلك القضية جذور القضية وتداعياتها ونتائجها على الصعيدين الدولي والإقليمي وأثرها على كافة المجالات وذلك من خلال طرح ومعالجة متأنية تنظر إلى القضية من كافة الزوايا وتحلل كافة الرؤى والاتجاهات لذا نرجو من متابعينا مشاركتنا الرأي والتحليل في هذه القضية التي لن تؤثر على واشنطن وبكين فقط بل قد يتأثر بها الاقتصاد العالمي أجمع وقد يتطور الأمر إلى اندلاع مواجهة مسلحة بين أقوى قطبين اقتصاديين في العالم مما يؤثر بدوره على تفاقم مشاكل العالم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولعل أبرز ما يواجهنا في تلك القضية وخاصة في مسلسلها الحالي مصطلح الحرب التجارية. "الحرب تجارية" كلمتان أذيع صداهما مؤخرا بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم وهما أمريكا والصين. الجملة السابقة قد لا تعنى شيئا للكثيرين، أو لا يعرفوا ماذا تعنى وما تشير إليه وسنحاول هنا معرفة آراء متابعينا الكرام في هذه المصطلحات وكيف يمكن التعاطي معها، ونتعرف على تأثيرها على الاقتصاد في الفترة القادمة. ما هو مفهوم الحرب التجارية؟ ومن الأطراف المتوقع قيام حرب تجارية بينهم في الفترة القادمة ؟ وما أسباب ظهور تلك النوعية من الحروب؟ وما موقف الدول الأوروبية منها؟ وما مدى تأثر الدول العربية من تلك الحرب ؟ ومن الخاسر والفائز فيها ؟
1
3 التعليقات 0 نشر