الأمثال في الكتاب المنزل
الـمَثَل ـ بفتح الميم والمثلثة ـ هو الاستدلال على موصوف غائب بمحسوس مشهود، ومنه الاستدلال على انقضاء زهرة الحياة الدنيا وزينتها ولذاتها بالمشهود المحسوس من ذُبول نبات الأرض وتحوله إلى الاصفرار والحطام بعد الاخضرار والحياة.
وضربَ اللهُ للناس في هذا القرآن مِن كلّ مَثَل كما في الروم والزمر، وصرّف للناس في هذا القرآن من كلّ مثَل كما في الإسراء، وصَرّفَ في هذا القرآن للناسِ من كلّ مثَل كما في الكهف، إذ حوى القرآنُ مَثَلا لكل حالة ومرحلة سيتعرض لها المسلم فأكثر منذ نزول القرآن إلى قيام الساعة، وبيّنتُه في تأصيلي فقه المرحلة.
وتضمّن القرآنُ مَثَلَ الذي آمن واتّقى ومَثَلَ الذي كفر وعصى، ومَثَل القلّةِ المؤمنة الخائفة المشرّدة المخاطبة بالخطاب الفردي ومثَل الجماعة المسلمة الممكنّة المخاطبة بجميع الخطاب الجماعي، ومَثَل الْمُصلِحِ ومَثَل الْمُفْسِدِ، ومثلَ الذي ادّكَرَ ونجا والذي أعرض وهلك ببأس الله في أيام الله وحقّ عليهم القول فدمرهم ربهم تدميرا.
وتضمّن القرآنُ مثَلَ كلٍّ من الفريقيْنِ كما في قولهِ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الذِينَ ءَامَنُوا اتَّبَعُوا الْـحَقَّ مِن رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَـهُمْ﴾[القتال 3] ومِن المثاني معه قولُه ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾[هود 24] فلْيَتَّبِعْ مَنْ شَاءَ ما شاءَ من الْـمَثَلَيْنِ، للخير والشرِّ، وللإيمانِ والكفْرِ، وكما في قوله تعالى ﴿الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾[الزمر 18] أي سيرةَ الْـمُصلحين وسيرَة الْمُفْسدين فلْيتّبِعِ المؤمن أحْسَنَ القَوْلَيْن.
ولا يتأتَّى ميدانيًا إثباتُ مقالة "صلاحيّة الإسلام لكل زمان ومكان" إلا بشرطيْن اثنين:
أحدهما: تَـمثُّلُ المثَل الأحسَن الذِي ضَرَبه اللهُ للناس في القرآن.
والآخَر منهما: تكليفُ كلٍّ من الفرد والْمُجتمع بالخطاب حسَب العلم والقوة والأسباب.
إن الأمثال في القرآن ليست هزَلا ولا تسلية كما هو لازمُ تعامُل المفسّرين معها لإعراضهم عن دلالتها ومدلولها رغم قوله ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِـمُونَ﴾[العنكبوت 43] بل الأمثال في القرآن أكبر وأخطر وأدهى وأمرّ إذ هي حرف من الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن، ذلكم أن اللهَ ضَرَبَ مَثَلًا لكل جزئية من الغيب الذي كلّفنا الإيمان به، وستُصبح شهادةً يراها الناس رأي العين قبل انقضاء الدنيا وسيعرفُها بالقرآن الذين يهتدون به إليها، وسينكرها جُحُودا وكُفرا مَن كانت لهم أعين لا يبصرون بها الهُدَى في القرآن وآذان لا يسمعون بها وقلوب لا يفقهون بها.
وضرب اللهُ مثَلًا للكلمةِ الطيِّبَة بشجرة طيبَةٍ أصلها ثابِتٌ وفرعها في السماء تؤتِـي أُكُلَها كلَّ حِينٍ بِإذْنِ ربِّهَا أي هو نفاذ الوعد بالعاقبة للمُتّقين، وضربَ مَثَلا للكلمة الخبيثة بشجَرَةٍ خبيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فوْقِ الأرض ما لها مِن قرار أي هو الوعد بإزهاق الباطل.
وضرب اللهُ مثَلا للحقِّ بالماء يُنْزِلُهُ اللهُ مِن السماءِ فتسيلُ به أوْدِيَةٌ بَقَدَرِ اتِّساعِها وطولِها، وضرب مثَلا للباطلِ بزَبَدٍ رابٍ فيحتملُه السَّيْلُ أي يذْهَبُ الباطلُ كالزّبَدِ جُفاءً ويمكثُ الحقُّ الذي يَنْفَعُ الناسَ في الأرض.
ووعَدَ اللهُ أن يضربَ للناسِ الأمثالَ لعلهم يتفكّرون ويتذَكّرون.
وإنّ مِن الذِّكر من الأولين قولَه ﴿وَعَادًا وَثَـمُودَا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا﴾[الفرقان 39] ويعني أنّ اللهَ قَدْ ضرَبَ للقرون الأولَـى مَثَلًا بإرسالِهِ الرُّسُلَ بالآياتِ إليهم وأنّ المكذِّبينَ لم يعْقِلُوا فكذّبوا فَتَبَّرَهم اللهُ تتبيرًا.
ومِن المثاني معه في خطاب أُمّةِ القرآن قوله:
﴿وَاضْرِب لَـهُم مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْـمُرْسَلُونَ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾[يس 13]
﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُم اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْـجُوعِ وَالْخَوْفِ بِـمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾[النحل 112]
﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَـى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَــمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِنْ قَبْلُ مَا لَكُم مِنْ زَوَلٍ وَسَكَنْتُمْ فِـي مَسَاكِنِ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾[إبراهيم 45]
فيا حسرتا على القراء والمفسرين والمحدّثين اعتبروا ضرب الأمثال في القرآن للتسليَة ومنها هذه الأمثال في سورة يس والنحل وإبراهيم.
ومَنْ زَعَمَ أنّ اللهَ لَنْ يَضْرِبَ للبَشَرِيّةِ مَثَلًا بعد نزول القرآن فهو أحمقُ أخرقُ غافِلٌ أُمِّيٌّ ـ أيْ لم يتدبَّرِ الكتابَ المنزّلَ ـ ولو حملَ درجة الأستاذيّة في العقيدة والتشريع الإسلامي والأديان لأنّه لم يعقِلْ قولَه ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَـحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَـمَا فَوْقَهَا﴾[البقرة 26] ولا قوله ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِـمُونَ﴾[العنكبوت 43].
وضُرِبَ في سُورة الزخرف بابْنِ مَرْيَمَ مثَلًا وسينزِلُ حَكَمًا عدْلًا فيقتُلُ السامِريَّ الأعور الدّجّالَ وهما مُنْظَرانِ من بني إسراءيل.
وضربَ اللهَ مثَلًا في سورة التحريم بمريمَ ابنتِ عمران التي أحصنَتْ فرجَها وسيراها الناسُ لِأن اللهَ قدْ جَعلها وابْنَها ءايَةً للعالمين كما في سورة الفلاح، وإنما كانت هي وابنُها في بني إسراءيل خاصّةً وهم أخصّ من العالمين.
وضرَبَ اللهُ مَثَلًا للذين كفروا امرأةَ نوح وامْرَأةَ لوطٍ كانتا تحت عبدَيْنِ صالحيْنِ فخانتاهما وسيتكرّرُ نموذجُهما.
وضرب الله مثَلا للذِين ءامَنوا امْرَأةَ فِرْعَوْنَ وسيتكرّرُ نموذَجُها في آخِر الأمّةِ.
وضربَ اللهُ مثَلًا لِنورِهِ كما في سورة النور والزمر والأنعام.
وضرب اللهُ مثَلا بصُحُفٍ مكرَّمَة مرفوعة مطهّرةٍ وعِدَّتُها تسْعَةَ عشَرَ بأيدِي خَزَنَةِ جَهَنَّم التسْعَةَ عشَرَ ويومَ يُصْبِحُ الوَعْدُ شهادةً سيستيْقِنُ الذين أُوتوا الكتاب ولا يرتابون ويزدادُ الذِينَ ءامَنوا إيمانا، أما الكافرون والذين في قلوبهم مرض فسيقولون: ﴿مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾[المدثر 31][البقرة 26].
وتضمّن القرآن والكتاب المنزّل أمثالا عديدة ضربها اللهُ، ولن يعقلها المدمنون على استنساخ المتون.
من موسوعتي لتجديد أصول التفسير قسم معاني المثاني مادة "مَثَل"
الحسن ولد ماديك
الأمثال في الكتاب المنزل الـمَثَل ـ بفتح الميم والمثلثة ـ هو الاستدلال على موصوف غائب بمحسوس مشهود، ومنه الاستدلال على انقضاء زهرة الحياة الدنيا وزينتها ولذاتها بالمشهود المحسوس من ذُبول نبات الأرض وتحوله إلى الاصفرار والحطام بعد الاخضرار والحياة. وضربَ اللهُ للناس في هذا القرآن مِن كلّ مَثَل كما في الروم والزمر، وصرّف للناس في هذا القرآن من كلّ مثَل كما في الإسراء، وصَرّفَ في هذا القرآن للناسِ من كلّ مثَل كما في الكهف، إذ حوى القرآنُ مَثَلا لكل حالة ومرحلة سيتعرض لها المسلم فأكثر منذ نزول القرآن إلى قيام الساعة، وبيّنتُه في تأصيلي فقه المرحلة. وتضمّن القرآنُ مَثَلَ الذي آمن واتّقى ومَثَلَ الذي كفر وعصى، ومَثَل القلّةِ المؤمنة الخائفة المشرّدة المخاطبة بالخطاب الفردي ومثَل الجماعة المسلمة الممكنّة المخاطبة بجميع الخطاب الجماعي، ومَثَل الْمُصلِحِ ومَثَل الْمُفْسِدِ، ومثلَ الذي ادّكَرَ ونجا والذي أعرض وهلك ببأس الله في أيام الله وحقّ عليهم القول فدمرهم ربهم تدميرا. وتضمّن القرآنُ مثَلَ كلٍّ من الفريقيْنِ كما في قولهِ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الذِينَ ءَامَنُوا اتَّبَعُوا الْـحَقَّ مِن رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَـهُمْ﴾[القتال 3] ومِن المثاني معه قولُه ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾[هود 24] فلْيَتَّبِعْ مَنْ شَاءَ ما شاءَ من الْـمَثَلَيْنِ، للخير والشرِّ، وللإيمانِ والكفْرِ، وكما في قوله تعالى ﴿الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾[الزمر 18] أي سيرةَ الْـمُصلحين وسيرَة الْمُفْسدين فلْيتّبِعِ المؤمن أحْسَنَ القَوْلَيْن. ولا يتأتَّى ميدانيًا إثباتُ مقالة "صلاحيّة الإسلام لكل زمان ومكان" إلا بشرطيْن اثنين: أحدهما: تَـمثُّلُ المثَل الأحسَن الذِي ضَرَبه اللهُ للناس في القرآن. والآخَر منهما: تكليفُ كلٍّ من الفرد والْمُجتمع بالخطاب حسَب العلم والقوة والأسباب. إن الأمثال في القرآن ليست هزَلا ولا تسلية كما هو لازمُ تعامُل المفسّرين معها لإعراضهم عن دلالتها ومدلولها رغم قوله ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِـمُونَ﴾[العنكبوت 43] بل الأمثال في القرآن أكبر وأخطر وأدهى وأمرّ إذ هي حرف من الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن، ذلكم أن اللهَ ضَرَبَ مَثَلًا لكل جزئية من الغيب الذي كلّفنا الإيمان به، وستُصبح شهادةً يراها الناس رأي العين قبل انقضاء الدنيا وسيعرفُها بالقرآن الذين يهتدون به إليها، وسينكرها جُحُودا وكُفرا مَن كانت لهم أعين لا يبصرون بها الهُدَى في القرآن وآذان لا يسمعون بها وقلوب لا يفقهون بها. وضرب اللهُ مثَلًا للكلمةِ الطيِّبَة بشجرة طيبَةٍ أصلها ثابِتٌ وفرعها في السماء تؤتِـي أُكُلَها كلَّ حِينٍ بِإذْنِ ربِّهَا أي هو نفاذ الوعد بالعاقبة للمُتّقين، وضربَ مَثَلا للكلمة الخبيثة بشجَرَةٍ خبيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فوْقِ الأرض ما لها مِن قرار أي هو الوعد بإزهاق الباطل. وضرب اللهُ مثَلا للحقِّ بالماء يُنْزِلُهُ اللهُ مِن السماءِ فتسيلُ به أوْدِيَةٌ بَقَدَرِ اتِّساعِها وطولِها، وضرب مثَلا للباطلِ بزَبَدٍ رابٍ فيحتملُه السَّيْلُ أي يذْهَبُ الباطلُ كالزّبَدِ جُفاءً ويمكثُ الحقُّ الذي يَنْفَعُ الناسَ في الأرض. ووعَدَ اللهُ أن يضربَ للناسِ الأمثالَ لعلهم يتفكّرون ويتذَكّرون. وإنّ مِن الذِّكر من الأولين قولَه ﴿وَعَادًا وَثَـمُودَا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا﴾[الفرقان 39] ويعني أنّ اللهَ قَدْ ضرَبَ للقرون الأولَـى مَثَلًا بإرسالِهِ الرُّسُلَ بالآياتِ إليهم وأنّ المكذِّبينَ لم يعْقِلُوا فكذّبوا فَتَبَّرَهم اللهُ تتبيرًا. ومِن المثاني معه في خطاب أُمّةِ القرآن قوله: ﴿وَاضْرِب لَـهُم مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْـمُرْسَلُونَ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾[يس 13] ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُم اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْـجُوعِ وَالْخَوْفِ بِـمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾[النحل 112] ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَـى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَــمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِنْ قَبْلُ مَا لَكُم مِنْ زَوَلٍ وَسَكَنْتُمْ فِـي مَسَاكِنِ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾[إبراهيم 45] فيا حسرتا على القراء والمفسرين والمحدّثين اعتبروا ضرب الأمثال في القرآن للتسليَة ومنها هذه الأمثال في سورة يس والنحل وإبراهيم. ومَنْ زَعَمَ أنّ اللهَ لَنْ يَضْرِبَ للبَشَرِيّةِ مَثَلًا بعد نزول القرآن فهو أحمقُ أخرقُ غافِلٌ أُمِّيٌّ ـ أيْ لم يتدبَّرِ الكتابَ المنزّلَ ـ ولو حملَ درجة الأستاذيّة في العقيدة والتشريع الإسلامي والأديان لأنّه لم يعقِلْ قولَه ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَـحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَـمَا فَوْقَهَا﴾[البقرة 26] ولا قوله ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِـمُونَ﴾[العنكبوت 43]. وضُرِبَ في سُورة الزخرف بابْنِ مَرْيَمَ مثَلًا وسينزِلُ حَكَمًا عدْلًا فيقتُلُ السامِريَّ الأعور الدّجّالَ وهما مُنْظَرانِ من بني إسراءيل. وضربَ اللهَ مثَلًا في سورة التحريم بمريمَ ابنتِ عمران التي أحصنَتْ فرجَها وسيراها الناسُ لِأن اللهَ قدْ جَعلها وابْنَها ءايَةً للعالمين كما في سورة الفلاح، وإنما كانت هي وابنُها في بني إسراءيل خاصّةً وهم أخصّ من العالمين. وضرَبَ اللهُ مَثَلًا للذين كفروا امرأةَ نوح وامْرَأةَ لوطٍ كانتا تحت عبدَيْنِ صالحيْنِ فخانتاهما وسيتكرّرُ نموذجُهما. وضرب الله مثَلا للذِين ءامَنوا امْرَأةَ فِرْعَوْنَ وسيتكرّرُ نموذَجُها في آخِر الأمّةِ. وضربَ اللهُ مثَلًا لِنورِهِ كما في سورة النور والزمر والأنعام. وضرب اللهُ مثَلا بصُحُفٍ مكرَّمَة مرفوعة مطهّرةٍ وعِدَّتُها تسْعَةَ عشَرَ بأيدِي خَزَنَةِ جَهَنَّم التسْعَةَ عشَرَ ويومَ يُصْبِحُ الوَعْدُ شهادةً سيستيْقِنُ الذين أُوتوا الكتاب ولا يرتابون ويزدادُ الذِينَ ءامَنوا إيمانا، أما الكافرون والذين في قلوبهم مرض فسيقولون: ﴿مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾[المدثر 31][البقرة 26]. وتضمّن القرآن والكتاب المنزّل أمثالا عديدة ضربها اللهُ، ولن يعقلها المدمنون على استنساخ المتون. من موسوعتي لتجديد أصول التفسير قسم معاني المثاني مادة "مَثَل" الحسن ولد ماديك
2
0 التعليقات 0 نشر